السبت, نوفمبر 23, 2024
الرئيسيةأخبار بغديديثانوية قره قوش ….. قصة مدينة ( القسم الاول )
أخبار بغديدي

ثانوية قره قوش ….. قصة مدينة ( القسم الاول )

كتابة: نمرود قاشا

القصة، هي مؤسسة تربوية تعليمية ثقافية واجتماعية، وهل لكل مدرسة قصة؟ نعم ولا!! نعم، لكل مؤسسة إن كانت صغيرة (كمبنى) وقليلة (كأفراد) ترتبط بطريقة أو بأُخرى بقصة لهذا التجمع البشري المرتبط بالزمان والمكان والأحداث والذكريات، ومجموع هذه المفردات هي قصة، تتشابك حوادث القصة ومفرداتها وآلياتها مع عناصر خلق هذه الأحداث والزمن المضاف عامل مهم في صنع وتغذية قالب القصة

ولا.. (أقصد لا قصة في المدرسة)، إذاً كانت مجرد محطة للتعليم فقط لا تتداخل فيه عوامل إنسانية وتتفاعل مع الزمان والمكان والعناصر لكي تخلق قصة ثانوية قره قوش، ليست مدرسة بالسياقات المتعارف عليها في تعريف المدرسة، ولكنها مدينة داخل مدرسة، أو مؤسسة ولدت صغيرة تحبو كما هي قريتها، ثم نهضت بقوائم يافع تجذر في أرض مدينته، يتغذى من مياهها الجوفية وآبارها عندما يَشحُّ المطر ويضرب الجفاف أطنابه وتغسل فروة رأسها برذاذ هذا المطر وحتى أخمص قدميها

– التعليم، ما قبل الثانوية

نتيجة لظروف العراق السياسية والمرتبطة بظروف الدول المحيطة به ودول العالم أيضاً من حروب وكوارث تتقدمها الحربين العالميتين لهذا كان اهتمام الحكومات بالثقافة محدوداً جداً إن لم نقل معدوماً، وثقافة الشعوب تقاس بقوة اقتصادها ومستوى دخل الفرد فيها في حين كان العراق يعيش في دوامة وفوضى نتيجة (للاحتلالات) التي تعاقبت على بغداد، وفي فترات كانت تقتسم أراضيه أكثر من دولة، وكانت ولاياته الثلاث (بغداد، الموصل، البصرة) تأتمر بموجب أوامر الحكومة التي تسيطر على هذا الجزء

في بغديدى (قره قوش) كانت الأديرة والكنائس هي محطات للثقافة والدراسة، أمّا معلموها فمن الكهنة والرهبان والشمامسة فهم الطبقة الوحيدة التي تتولّى عملية التعليم التي أتقنوها من مناطق أُخرى والمدن الكبيرة (الموصل)

الطلبة المتخرجون من هذه (المدارس) حملوا شعلة التعليم في البلدة، وقد أطفأها طهماسب بحملته المعروفة حيث “قُوضَتْ الأديرة وفتكت بالرهبان وشتت من نجا منهم وانطفأت الحركة الثقافية والروح الرهبانية، ثم أخذ بعدها بعض طلاب العلم يدرسون دراسة خصوصية على يد أحد الكهنة أو الشمامسة في القصبة

في عام (1845) فتحت أول مدرسة عامة في قره قوش من قبل الشماس (موسى بن سليمان المدرس) قادماً من برطلة حيث كان معلماً في مدرسة مار كوركيس في برطلة والذي سبق وأن تلقى تعليمه في مدرسة الطاهرة في الموصل، في قره قوش اتخذت (مدرسة قره قوش الجديدة) من كنيسة مار يعقوب مكاناً لها فأقبل التلاميذ إليها برغبة شديدة وقد تلقوا دروساً في السريانية والعربية والحساب.

بعد مغادرة الشماس موسى (البرطلي) كان يشرف عليها أَحد الآباء الكهنة وساعده مجموعة من الشمامسة، تدفع أُجورهم من نثرية الكنيسة أو مطران الأبرشية والكتب المدرسية كانت تجلب من مطبعة الآباء الدومنيكان في الموصل، واستمر هذا الوضع حتى فترة الاحتلال البريطاني (1918) وتشكيل الحكومة العراقية

معلمو هذه المدرسة كانوا من قره قوش مثل: الشماس صليوه كسكو، الشماس اسحق موشي، الشماس اسحق هدايا، الشماس اسحق القس ايليا، والشماس يعقوب دديزا (أكو)

ومن برطلة: الشماس رفو، ومن الموصل الشماس ايليا

– مدرسة قره قوش الابتدائية

كثيرة هي الجهات التي خدمت عملية التربية والتعليم في البلدة قبل أن تتولى الدولة عملية التعليم، هذه الجهات أغلبها كنسية أو دينية وأُخرى مبادرات شخصية تتقدم هذه الجهات خورنة قره قوش (بغديدى)، أبرشية الموصل، الآباء الدومنيكان في الموصل، الأخوات الراهبات، كهنة وشمامسة البلدة

في نهاية عام 1918 استحصلت موافقة على افتتاح مدرستين ابتدائية للبنين في قره قوش، الأولى للسريان الكاثوليك والأُخرى للسريان الأرثوذوكس الأولى مديرها (القس يوسف اسطيفو) وكادرها ثلاثة معلمين من الشمامسة والأُخرى مديرها (القس حنا القس عبد الأحد) وملاكها شماس واحد في عام 1922 دُمجت المدرستان وأصبحتا مدرسة فيها ثلاث صفوف، في عام 1925 قسمت بناية المدرسة إلى غرف واستغنى عن خدمات الكهنة والشمامسة وعيّن على ملاكها الدائم معلمين متخرجين حديثاً وهم كل من: بطرس نقاشه وزكريا شابا ومعلمان مستخدمان هما: بهنام لويس، روفا حلبيه. وفي هذه السنة تم إضافة الصف (الرابع الابتدائي)

وفي 2/ نيسان/ 1936 صدر أمر تعيين الأب منصور دديزا محاضراً للدين براتب قدره (أربعة دنانير)، وفي عام 1938 انتقلت المدرسة إلى بناية بنيت على أساس مدرسة بعد أن كانت تتخذ من كنيسة مار يوحنا مكاناً لها، المدرسة هي بناية حديثة مستأجرة من (عبد المسيح سكريا)

هذه المدرسة تغيّرت تسمياتها من مدرسة قره قوش، إلى الحمدانية الثانية وقد كانت هناك مدرسة في الموصل تحمل اسم (الحمدانية) ثم مدرسة قره قوش الأولى بعد أن انفصلت عنها مدرسة ابتدائية أُخرى باسم (مدرسة قره قوش الثانية) وكانت تسمى بـ (الملحق)

– المدرسة المتوسطة

الطلبة الذين يتخرجون من الابتدائية، إما أن يتركوا الدراسة، لعدم تمكنهم من تحمُّل مصاريف إكمال الدراسة في الموصل، والمبلغ الذي يتحمله أهل الطالب للدراسة خارج قره قوش يصل إلى (خمسين ديناراً) للسنة الدراسية، وهذا المبلغ كبير بالنسبة للعوائل المتوسطة الدخل أو الفقيرة.

أما العوائل المتمكنة مادياً فترسل أبناءها إلى الموصل، أكثر من مائة طالب حسبما يذكر المرحوم (عبد المسيح القس موسى) في كتابه (قره قوش في كفة التاريخ) هذا الوضع أتعب أبناء قره قوش والقرى الأُخرى (برطلة، كرمليس، بعشيقة) مادياً إضافة إلى أنه حرم الكثير من الطلبة الكفوين لعدم تمكنهم من تحمل العبء المالي الثقيل.

في 20/ تشرين الأول/ 1947 اتفق أبناء (قره قوش، برطلة، كرمليس، بعشيقة) على تقديم طلب مشترك إلى (مديرية المعارف) يسترحمون فيه فتح مدرسة متوسطة في إحدى القرى المذكورة يجتمع فيها شمل أبنائهم. وهذا الطلب لم يجد له آذاناً صاغية في (معارف الموصل).

وفي الأعوام التي تلت هذا التاريخ رفع أبناء قره قوش طلباً خاصاً بهم إلى وزارة المعارف ومديرية معارف الموصل ومتصرف لواء الموصل في (1953، 1956، 1957، 1958) وكل هذه الطلبات لم يتم الاستجابة لها

وزارة المعارف قررت عام 1958 فتح متوسطة في بعشيقة وبهذا أسقطت الحلم الذي كان يتمناه أبناء بغديدي

بعد ثورة 14/ تموز/ 1958 قدم أهالي بغديدا برقية إلى الزعيم عبد الكريم قاسم تضمنت تهانيهم إلى حكومة الثورة إضافة إلى بعض المطاليب منها فتح متوسطة لأبنائهم. وبتاريخ 6/ آب/ 1958 سافر وفد من ناحية الحمدانية برئاسة الأب (يعقوب شيتو) إلى بغداد لتهنئة وتأييد الثورة وقد يكون مطلبهم بفتح المتوسطة إحدى أولويات ما طرحوه أمام ممثلي الحكومة

كل هذه المطاليب والوسائل والمبعوثين لم تَلْقَ أية استجابة من الجهات ذات العلاقة لهذا قرّروا الاعتماد على أنفسهم في بناء المدرسة.

– متوسطة قره قوش، حجر الأساس

بتاريخ 18/ آب/ 1959 تم وضع حجر الأساس لبناء مدرسة متوسطة في قره قوش على أرض تبرع بها الخورأُسقف أفرام عبدال (رئيس دير مار بهنام الشهيد)، الاحتفالية حضرها الآباء كهنة البلدة وجمع كبير من أبنائها وكانت مناسبة أفرحت الجميع

وقد تم في وقت قياسي إكمال بناء المدرسة المتكون من ثمان غرف إضافة إلى مرفق خدمي، ساهم الخديديون بشكل كبير في بنائها عن طريق العمل الشعبي وبدون مقابل باستثناء الأعمال التي تحتاج إلى خبرة وبلغ المبلغ الذي تمَّ صرفهِ للبناء (2330,385) ألفان وثلاثمائة وثلاثون ديناراً وثلاثمائة وخمسة وثمانون فلساً بعد إكمال البناية توجه وفد إلى (مديرية معارف الموصل) لتقديم هذه البناية هبة إلى (وزارة المعارف)

المعارف قدرت الروح العالية والوطنية الصادقة المتجلية في عملهم المثالي واندفاعهم ومثابرتهم وإخلاصهم وسرعة إكمال البناية قبل بدء العام الدراسي وفي فترة لا تتجاوز الشهرين

وزارة المعارف ومديرية معارف الموصل وافقت على “هدية” أهل بغديدا وفتحت مدرسة متوسطة بموجب الأمر الإداري المؤرخ في 6/ تشرين الأول/ 1959

———————————————

في القسم الثاني: بداية افتتاح متوسطة قره قوش، الكار التدريسي، نتائج الامتحانات في سنتها الاولى، حور مع أحد مدرسيها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *