6- كنيسة الطاهرة الكبرى في قره قوش ( بغديدي ) نينوى
كتابة: نمرود قاشا
يوم الأحد الموافق السابع من آذار سيتوجّه الحبر الأعظم من بغداد إلى إربيل حيث سيلتقي في قاعة الشرف الرئاسيّة في مطار إربيل رئيس ورئيس وزراء إقليم كردستان العراق، ليتوجّه بعدها إلى الموصل حيث سيتوقف في حوش البيعة للصلاة عن راحة نفس ضحايا الحرب بعدها ينتقل إلى كنيسة “الطاهرة” الكبرى في قره قوش حيث سيتلو صلاة التبشير الملائكي مع المؤمنين .
* شيء عن قره قوش ( بغديدى )
بخديدا أو بغديدا أو قره قوش (بالسريانية: ܒܓܕܝܕܐ) هي بلدة سريانية تقع في محافظة نينوى شمال العراق على بعد نحو 32 كم جنوب شرق مدينة الموصل و 60 كم غرب مدينة أربيل، على الضفة الشرقية لنهر دجلة الذي يشكل مع نهر الخازر المنطقة الجنوبية من سهل نينوى بالقرب من مدينتي نينوى و كالح الأثريتيين .
يعتقد بعد الباحثين أن مدينة راسن التي ذكرت في الحوليات الآشورية تقع في بخديدا، وقد كتب عنها المؤرخ ياقوت الحموي بناءً لما ذكره المستشرق أوبير من خلال رحلاته إلى بلاد ما بين النهرين حيث قال:”يرجى أن يكون موقع راسن، المدينة الآشورية التي شيدها الملك نمرود بين آشور وكالخو هو موقع بغديدي اليوم..
ورد ذكر آخر للبلدة تحت مسمى باكديدو هي ند للفظة كذوذو ومعناها الشباب بالآرامية، وهناك رواية منقولة تقول إنّ المعركة الحاسمة التي دارت بين قوات الفرس والآشوريين عام 610 ق.م حصلت قرب بكديدو. كما اتخذ الملوك الآشوريون من منطقة بلاوات التي تقع اربعة كم جنوب البلدة منتجعا لهم، حيث شهدت المنطقة عمليات تنقيب واسعة بقيادة الآثاري الآشوري الأصل هرمزد رسام اسفرت عن العثور على قصور وقطع أثرية مهمة لا يزال معظمها حاليا منتشر في متاحف عالمية كالمتحف البريطاني ومتحف اللوفر
دخلت المسيحية إلى البلدة في القرون الأولى، ولا يعرف تأريخ تنصر البلدة بشكل أكيد إلا أنها اتبعت المذهب النسطورية على أثر مجمع أفسس وطمرت بذلك حتى مجيء مار يوحنا الديلمي الذي تمكن من تحويل البلدة إلى الأرثوذكسية في نهاية القرن السابع. ويعتقد أن يوحنا الديلمي نفسه مدفون في دير مقورتايا على بعد ثلاثة كيلومترات من مركز البلدة. ازدهرت بخديدا في القرون اللاحقا حيث قال عنها ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان
«باخديدا قرية كالمدينة شرقي الموصل، تبعد عنها سبع فراسخ، كل أهلها نصارى وهي من آثار نينوى»
يقول المرخ عبد الرزاق الحسني في كتابه (العراق قديما وحديثا ) الصادر سنة 1928 ، ان قضاء الموصل يتألف من نواح خمسة احداها ناحية الحمدانية . والناحية هذه تتألف من (118) قرية يقطنها زهاء (21000) نسمة جلهم اصحاب زرع وضرع ، ومركزها قرية قره قوش التي تبعد (33) كيلومترا عن الموصل شرقا
ولجأ أهالي المدينة جميعهم إلى كردستان العراق وبعض محافظات الوسط والجنوب بعد احتلالها من قبل تنظيم (داعش) بتاريخ 6 اب 2014. و بقت بغديدا تحت الاحتلال إلى 19 تشرين الاول 2016 ، بغديدا تُعتبر أكبر بلدة مسيحية في العراق.
* وشي اخر عن كنيسة الطاهرة الكبرى
كنيسة الطاهرة في بغديدي ، سميت ب ( كبرى ) لا لضخامتها ولكن للتفريق بينها وبين كنيسة الطاهرة الملاصقة لها والمشيدة في القرون الميلادية الاولى .
كنيسة الطاهرة ، هي من اضخم كنائس العراق لا بل الشرق الاوسط ، وضع حجرها الاساس في 21 أيلول 1932 في ظرف سيلسي وأمني ومادي معقد جدا ، حيث الحرب العالمية الثانية وحكم الدولة العثمانية ، ودعوى النزاع على الاراضي مع الجليليين والقحط الذي اصاب الموسم الزراعي في تلك الفترة ، وهو المورد الوحيد للاهالي ، ورغم هذا استمر ببناء الكنيسة اعتمادا على تبرعات المؤمنين .
في 7 تشرين الثاني 1948 افتتحت الكنيسة من قبل المطران جرجس دلال ، وسط اهزوجة لا زال صدها يردده ابناء بغديدي
(( بنيناك يا بيعة بنيناك .. بنينا بالعز بالعز ، بناك مطران جرجس ابو حزام الجزي )) في اشارة الى ان عملية البناء جاءت من تبرعات الاهالي وبدون اي دعم خارجي ، هذه الكنيسة أصبحت عنواناً ورمزاً لهذه المدينة التي احتضنتها بدفء، وكيف لا فعلى جدرانها ونوافذها وأعمدتها طبعنا أصابعنا، وانتعشنا بأريج بخورها، وبين حيطانها تتراءى لنا مظاهر أفراحنا وشعائر أحزاننا .
بعد احتلال عصابات داعش الارهابية في 8 اب 2014 مدينتة بغديدي وكل سهل سهل نينوى تعرضت هذه الكنيسة الى عملية حرق شاملة وتدمير بعض منشاتها ، كما استخدمت قاعاتها كمخازن عتاد وتفخيح وساحاتها الى ميدان تدريب ورمي .
وبعد تحرير المدينة وعودة سكانها ، في 19 تشرين الاول 2016 كانت تقام بعض الطقوس الكنسية فيها على وضعيتها ، الى ان امتدت جهات خيرة ومنظمات دولية ساهمت في تمويل اعمارها والذي بوشر به عام 2019 وانتهت منه في اذار 2021 . تبلغ مساحة الكنيسة 1296 م 2 وابعادها ( 56 * 26 م ) وارتفاعها 15 م .