كتابة :صباح مرزينا زومايا
عاش الإنسان القديم في المغارة وأنارها بواسطة المشعل. وعندما بنى المعابد وضع المشاعل لأنارتها أيضاً وقد طوّر هذه الإنارة عندما إهتدى الى عمل المسرجة الفخارية ووضع بداخلها مجموعة من الحشائش وعندما صنع القماش بدل هذه الأعشاب بقطع من القماش على شكل فتيلة رأى أن هذه المسرجة تحتاج الى الزيت فآستعمل شحوم الحيوانات، ثم لقلتها بعض أنواع الحبوب من النباتات لأستخراج الزيت منها مثل نبات الزكرك ونبات السمسم لحاجته الماسة إليها ، إنّ حاجة دور العبادة الى الإنارة ولصعوبة حمل المسرجة صنع الإنسان الشموع والفندة فكانت دور العبادة المكان الأول لصناعة هذه الشموع.
الفندة عبارة عن قطعة طويلة رفيعة تشبه ساق النبات لونها ترابي بداخلها خيوط قطنية مغلفة بمادة الشمع. تستعمل للإنارة في الكنائس والبيوت في أثناء القداس والإحتفالات الدينية.
المواد المطلوبة
1. خيوط قطنية بيضاء طويلة حسب الرغبة.
2. مادة الشمع الطبيعي أو الصناعي.
3. قدر كبير.
4. مصدر حراري.
طريقة العمل
تؤخذ الخيوط بطول معين وتشدّ خمسة خيوط مع بعضها وتُبرم جيّداً، كل خمسة خيوط تبرم مع بعضها وتوضع جانباً حتى الإنتهاء من الكمية بأجمعها. نقوم بعد ذلك بأشعال المصدر الحراري ونضع القدر على النار ومن ثم نضع مادة الشمع داخل القدر ونحركها لكي تنصهر جيداً. عند التأكد من إنصهارها بالكامل تؤخذ كل مجموعة من الخيوط وتوضع وسط القدر مع التحرك جيداً لكي تمتصّ الخيوط مادة الشمع بعد ذلك يسحب رأس الخيط بهدوء لعرضه للهواء فينشف قليلاً ويوضع على الأرض جانباً وهو على طوله، ثم نستلم قطعة أُخرى وبنفس الطريقة حتى ننتهي من الكمية بكاملها وتترك جانباً لكي تجف، بعد أن يجف الفندة يقسم الى قطع حسب الرغبة ويُشد على شكل رزم ويُحفظ لحين الأستعمال.
صناعة الشمع
إن حاجة الإنسان الى هذه المادة للإنارة، جعله يكثر من إنتاجها، لذلك تحولت الى صناعة شعبية، إن القائم بهذا العمل يحتاج الى المواد التالية:
1. دولاب معدني يقارب المتر فيه عشرات الثقوب وفي وسطه صليب معدني.
2. قاعدة حجرية ثقيلة إسطوانية الشكل يثبت في وسطها ثقب معدني (سينح) بصورة عمودية وتكون نهاية القضيب السائبة مدببة يرتكز عليها الدولاب بصورة أُفقية.
3. قدر نحاسي كبير مقعر يثبت على موقد حجري.
4. مغرفة نحاسية تسمى (جمجة).
5. مادة الشمع.
6. فتائل قطنية.
تبدأ العملية بتقطيع الفتائل حسب الرغبة، وتربط في ثقوب الدولاب، بعد ذلك تُصهر كمية الشحوم في القدر النحاسي، تستخرج من الأغنام والأبقار، تُقرب القاعدة الحجرية قرب الموقد الذي عليه القدر، أما الدولاب فيوضع على نهاية السينح، ثم يغرف الشماع الشحم السائل بالمغرفة ويسكبه على الفتائل بصورة متتالية ويدير الدولاب قليلاً بين حين وآخر، فتكتسب كل فتيلة بطبقة من الشحم ويسيل الزائد الى القدر وتكرر هذه العملية الى أن تصبح كل شمعة بغلظ الأصبع. يتركها تبرد وتجف ومن ثم تقطع رؤوس الفتائل وتحزم على شكل حزم جاهزة للبيع.
الفندة في قره قوش
إنتشرت هذه الصناعة في قره قوش بسبب وجود كنائس عديدة حيث كان هذا العمل من إختصاص ساعور الكنيسة. إن أشهر مَنْ عمل بهذه الصنعة المرحوم إيشوع كجو وأولاده وكذلك المدعو منصور بلقو حيث كان يحمل الصليب ومعه الفندة ويتجوّل في البيوت. إن طول الفندة هو (30) سم ويتم صناعتها عادة قبل أسبوعين من عيد شمعون الشيخ (شمعون ساوة). بعد عمل كمية كبيرة منها توضع في خرج ويوضع الخرج فوق الحيوان ويتجول الساعور في البيوت ويوزع هذه الشموع على عدد أفراد العائلة وعن قناعة. إنَّ السكان يكرمون الساعور بكمية من النقود والحبوب والحنطة والشعير والعدس، فيجمعها ويسلمها الى مسؤول الكنيسة لتصبح من ملك الكنيسة لسد نفقاتها. هذه الشموع تستعمل لدورة السعانين حول المدينة وكذلك لرسم علامة الصليب بوجه العاصفة القوية لتفادي خطرها وكذلك لكحل العيون من الرجال والنساء ويستعمل الشمع مع (علك مي) لجعله أكثر ليونة.
إن قوة الإيمان لدى المواطنين جعلتهم يعتقدون على أن عيد شمعون الشيخ إذا صادف فيه مطر يدل على أن الشتاء قد إنتهى والعكس بالعكس.
إن مادة الشمع يتم الحصول عليها من شمع العسل الطبيعي من الموصل أو من تبرعات المواطنين من الشموع الكبيرة للكنائس.
…………………
المصادر
– التراث الشعبي/ العدد الرابع/ السنة التاسعة/ 1978.
– لقاء مع السيد خليل إيشوع كجو بتاريخ 10/ 9/ 2006.