كتابة: نمرود قاشا
– المتوسطة تفتح أبوابها
متوسطة قره قوش، وبعد صدور الأمر بفتحها رسمياً في 6/ 10/ 1959 بوشر بتأثيثها لكي تكون مهيئة لاستقبال الوجبة الأولى من طلبتها. وقد انتظروا إكمال البناية، بعد أن توقفوا عن الدراسة لسنة أو أكثر لعدم تمكنهم من الدوام في مدارس الموصل، وذلك لأنهم لا يستطيعوا تحمل العبء المالي .
فكان افتتاح المتوسطة اشراقة أمل لطلبة بغديدا (قره قوش) وما جاورها من بلدات (برطلة، كرمليس، بعشيقة، الخضر وكل القرى المحيطة بها.
العام الدراسي (1959- 1960) بلغ عدد الشُعَبْ أربعة للصف الأول ومجموع الطلبة (162) طالب، الملاك التدريسي فيها (أربعة مدرسين بضمنهم وكيل المدير) أضيف لهذا الكادر معلمان محاضران من الملاك الابتدائي ومحاضر ثالث (سيار) ومحاضر للدروس الدينية
نتائج الامتحانات لهذه السنة كانت على غير ما يرام لكثرة الراسبين والمكملين
العام الدراسي الثاني (1960- 1961) بلغ عدد طلبة المتوسطة (193) طالباً موزعين على أربع شعب للصف الأول و (117) طالب موزعين على ثلاث شعب للصف الثاني. أي أن ملاك المدرسة أصبح (210) طالباً
دوام هذه السنة أصبح مزدوجاً صباحاً ومساءً بالمناوبة بين شعب الصفين الملاك التدريسي أصبح كالآتي
ستة مدرسين بينهم مُدرِّس سيار، وكيل المدير، معلمان محاضران، معلم سيار، محاضر لدروس الدين وعُيّن لإدارة المدرسة السيد (هاشم الحاج حمو الدباغ) من الموصل وهو خريج كلية الشريعة- جامعة بغداد (1957-1958)
– بداية صعبة، لكنها واثقة
الخطوة الأولى في كل مشروع تكون بسيطة، أو مرتبكة بعض الشيء. ولكن إذا وجدت إرادة قوية للرجال الذين يقفون على رأس هذه المؤسسة، ستكون النتائج اللاحقة أفضل من سابقاتها
بعد سنتين من الدوام والنتائج غير المشجعة لطلبتها للأسباب التالية:
. قلة الكادر التدريسي وقسم من معلمي ابتدائية وآخرون يعلمون على المحاضرات.1
. عدد غرف المدرسة غير كافية لاستيعاب الطلبة لهذا انشطر الدوام فيها إلى صباحي ومسائي.2
. 3. نقص في وسائل الإيضاح ومختبرات (الكيمياء، الفيزياء والأحياء) وكذلك ما تحتاجهُ دروس التربية الرياضية والفنية.
4. عدم وجود قاعة تمارس فيها بعض النشاطات اللاصفية. ومع كل هذه المعوقات عمل الكادر بشكل استثنائي في تعزيز مسيرة الطلبة والنهوض بهم نحو الأفضل.
بتاريخ 15/ أيار/ 1961 زار (متصرف لواء الموصل) قره قوش وتفقد الدوائر الحكومية فيها ومن ضمن الدوائر التي تمت زيارتها متوسطة قره قوش وقد اطلع على احتياجات المدرسة ولغرض متابعة إكمال هذه النواقص زار الناحية كل من قائمقام الموصل ومدير معارف اللواء وقد تمخضت هذه الزيارات عن إضافة ست غرف لبناية المدرسة المتوسطة
– بعض من البدايات
لكي نتعرف عن قرب بدايات هذه المؤسسة التربوية الرائعة، والتي أخذت عنوان (ثانوية قره قوش.. قصة مدينة) لما مثلته من تحدٍّ كبير في المطالبة المستميتة لأبناء البلدة لفتح هذه المتوسطة وعندما لم يجدوا أذناً صاغية من المؤسسات التربوية (وزارة المعارف، معارف الموصل) والحكومة أيضاً من خلال طرح الموصل على رئيس الوزراء (الزعيم عبد الكريم قاسم)
اعتمدوا على أنفسهم في الحصول على قطعة أرض وهبها المرحوم الخوري افرام عبدال للدولة وتم البناء عليها ثم تقديمها (هبةً) للحكومة. ولم يتوقف تعاون ابناء البلدة إلى هذا الحد بل تجاوزه عندما وقفوا إلى جانب (المعارف) في ايجاد كادر تدريسي من ابناء المنطقة ومن الملاك الابتدائي لكي لا يكون (الكادر) سبباً في عرقلة الدراسة.
في بداية ستينات القرن الماضي لم يكن من ابناء قره قوش مِمَّنْ حصلوا على شهادة (البكالوريوس) سوى: جبرائيل عبد المسيح سكريا (كلية التربية- جامعة بغداد)، بولس عبد المسيح سكريا (جامعة ليدز)، الياس بطرس ككي (كلية الهندسة- جامعة بغداد)، مازن جبو الخياط (كلية التجارة- جامعة بغداد)، زكية زاكي جبريتا (كلية التربية- جامعة بغداد)، هرمز الياس كيخوا (كلية الاحتياط)، هرمز كرومي عيسو (كلية الاحتياط). إضافة إلى طلبة يدرسون في كليات أُخرى داخل وخارج العراق يصل عددهم بحدود (12 طالباً) هذا الكادر موزع إلى عدد من محافظات العراق، حيث يعمل في مؤسسات تربوية أو وزارات أُخرى موظفاً
لهذا كان لابد من التوجه إلى معلمي المدارس الابتدائية لكي يسدّوا النقص الحاصل في الكادر التدريسي لمتوسطة قره قوش
– حوار مع المربّي الفاضل نمرود قاشا
نمرود رفو يونو قاشا، مُرَبٍّ فاضل، أكثر من ثلاثةِ عقود قضاها في التعليم، في مهنة أحبّها بعشق غير اعتيادي، لذلك أحبوه تلاميذه وزملاءه ومَنْ عملوا معهُ. لا يغادر الصف بعد (45) دقيقة إلاّ بعد أن يتأكد بأن هذه الدقائق كانت مثمرة، واستطاع من خلالها أن يوصل المادة إلى أذهان طلبته، يقرأ مدى استيعابهم لها من خلال حركة عيونهم وانفعالاتهم وإيحاءاتهم. عندها… يضع قطعة الطبشور الباقية بيده على أول رحلة، ويودعهم بابتسامة.
نمرود قاشا، مواليد 1937، خريج إعدادية ويحمل شهادة الدورة التربوية بعد الإعدادية
فتحت الصفحة الأولى من سجله الشخصي لأقرأ عبارة: اللغات التي يجيدها: العربية، السريانية، الإنكليزية والكردية
وعلى ذكر السجل الشخصي فأُستاذي (ابو روفائيل) يحتفظ بكل سجلات وأضابير الأوراق الرسمية التي صدرت من الجهات التي تعامل معها، فهي ذاكرته المكتوبة، إضافة إلى الخزين الجميل الذي تحتفظ به ذاكرته الشفاهية، بعد عقود ثمانية من العمل الوظيفي والحياتي، لم يستسلم لها ولم يجعلها أن تترك آثاراً على محياه المفعم بالحُبْ.
نمرود قاشا، من خلالهِ أحببتُ درس (العلوم) وأنا طالب في الصف الثاني الابتدائي في مدرسة قره قوش الابتدائية للعام الدراسي (1960- 1961) عندما أفهمنا وبأسلوب تربوي جميل وسلس بأنّ كل ما موجود في درس العلوم هو جزء من حياتنا، فنحن نتعامل بشكل يومي مع مواده، لهذا نسميه العلوم والحياتية
جاء إلى قره قوش بعد سنة دراسية قضاها في قرية شيخكة التابعة لقضاء الشيخان، مفتتحاً فيها حياته العلمية بعد تخرجه (20/ أيار/ 1959 لغاية 21/ نيسان/ 1960
أقول من خلاله أحب كل طلابه مادة العلوم التي يدرّسها، لازلتُ أتذكر بالتفاصيل الدقيقة الدروس العلمية والتجارب التي يجريها أمام الطلبة لمختلف المراحل. فذاكرتي وذاكرة زملائي يتذكرون تجارب البيضة المسلوقة التي تدخل فتحة (البطل) الصغيرة الحجم بعد تفريغه من الهواء، والعصفور الذي يقضي بعد نفاذ كمية الهواء الموجودة داخل الناقوس الزجاجي أو تهشم الصفيحة المعدنية المملوءة بالماء الحار بعد سكب الماء البارد عليها
نعم. هكذا كان التعليم في خمسينات وستينات القرن الماضي، هكذا كان الطالب يرفض مغادرة الصف ويطلب دقائق إضافية من المعلم طمعاً في مادة إضافية
من غير موعد، أو اتفاق مسبوق حملتُ أوراقي وجهاز التسجيل لأطرق باب أُستاذي وآبن عمي (نمرود رفو قاشا) لأطلب منه معلومات عن الفترة التي عمل فيها أُستاذاً لمادة (الطبيعيات) في متوسطة قره قوش
– أستاذي، أبا روفائيل، من أين نبدأ؟
– مثلما تريد، أنا حاضر للإجابة على أيَّ استفسار
– إذن.. لتكن البداية من (رأس الخيط) قصة تكليفكم بالتدريس في متوسطة قره قوش وأنتم معلماً لمدرسة قره قوش الابتدائية؟
– الحقيقة، خلال عملي في مدرسة قره قوش التي كان مديرها المرحوم (عبد الرحمن حنا الخياط) وفي السنة الثانية لبدء التدريس في متوسطة قره قوش زار المدرسة الأستاذ (هاشم الحاج حمو الدباغ) الذي كلف بإدارة متوسطة قره قوش، زار مدرسة قره قوش الابتدائية للاستئناس برأي الأستاذ الخياط بخصوص تنسيبي إلى المتوسطة. وفعلاً وبعد عدّة أيام حصلت موافقة معارف الموصل على استعارة خدماتي إلى متوسطة قره قوش.
بحث في الأوراق التي بعثرها أمامي الأستاذ نمرود قاشا لأطلع على الأمر الإداري المرقم (34147) في 19/ 10/ 1961 والصادر من مديرية معارف الموصل والموجهة إلى إدارة متوسطة قره قوش والذي ينص:
تقرر قيام السيد نمرود رفو قاشا معلم مدرسة قره قوش للبنين بتدريس الرياضيات في متوسطة قره قوش .
— —
القسم الثالث يتضمن: مكتبة ثانوية قره قوش، مجلة الكلمة، الثانوية في بداية الغزو الامريكي